أخبار العالم / د. فاتن الشعبانى
15 دقيقة عصيبة مرّت على الطبيبة فاطمة محمد داخل قطار “القاهرة – أسوان” مساء الأحد، فجاءها المخاض بينما يتبقى بعض الوقت على وصولها إلى محطة مغاغة بمحافظة المنيا.
لم تتمالك “فاطمة” الآلام، بدأت أصوات صرخات مكتومة تتصاعد داخل العربة، سمعتها طبيبة النساء والولادة إيمان شوقي التي تواجدت هيّ الأخرى داخل نفس العربة.
اتجهت الطبيبة إيمان شوقي إلى موضع الصرخات التي تصاعدت بشكل ينذر بالخطر، وبالفحص الأولي للحالة، اكتشفت أنها تعاني من آلام ولادة مبكرة، بحسب الطبيبة التي تقول : “كنت متخيلة في البداية إنها في الشهور الأولى للحمل، لكن بعد الفحص لقيت إنها بتولد فعلًا والرأس بدأت تظهر من الرحم”، لتبدأ مرحلة إخبار السيدات المحيطات بالموقف، لمساعدتها في عملية الولادة “العاجلة”.
في دقائق معدودة، تحولت عربة القطار إلى ما يشبه مستشفى الطوارئ، السيدات وجهن الرجال إلى البقاء في آخر العربة، فيما قمن بـ”لف الكراسي” وتغطيتها بـ”ملاية” لتصبح غرفة مصغرة للعمليات، وفي تلك الأثناء، كانت “فاطمة” لا تزال تشعر بالخوف من تلك الإجراءات، تقول الطبيبة: “الستات اللي في العربية قعدوا يهدوها ويطمنوها إن دا طبيعي، وإن الولادة سهلة ومفيهاش أي ضرر، ورغم إني طبيبة نفسية وعصبية إلا إني كنت خايفة ومحرجة من اللي بيحصل”.
شرعت الطبيبة إيمان وإلى جوارها بعض السيدات، في عملية الولادة، لم تستغرق الكثير من الوقت حتى نجحت في إخراج الطفل، “الولادة كانت سهلة جدًا، وكانت المشكلة في قطع الحبل السري، لقينا مقص مع ست وعقمنا تعقيم سريع بكحول أبيض، وبعدين جبنا خيط وعمقناه برضه لربط الحبل السري، ولفينا الطفل في فوطة”.
“الصدف تجمعت في ولادة فاطمة”، حسبما تقول الطبيبة إيمان، التي وجدت في حقيبتها أدوية لما بعد الولادة، أعطتها إياها لتخفف من آلامها، بينما ظهر طبيب نساء آخر في العربة: “كان موجود معانا الدكتور أحمد مؤمن مدرس مساعد بكلية طب أسيوط، وتابع عملية الولادة من وراء الستارة، وفحص الطفل وكان بصحة جيدة”.
الوضع داخل القطار انقلب على بكرة أبيه، حسبما تصف نشوى شاكر التي شهدت عملية الولادة، والركاب تخوفوا من هذه الولادة “الغريبة”، وقلقوا من أن تحتاج إلى تدخل يستلزم نقلها إلى المستشفى، “الناس كانت خايفة على فاطمة والجنين، لأنها لو احتاجت مستشفى مكنش هينفع تنزل من القطر قبل ما توصل محطة مغاغة”، لكن هذا القلق تبدد مع الصرخات الأولى للطفل، “أول ما البيبي نزل كان فيه موجة زغاريط، وتصقيف كتير، والركاب جايين يشوفوا اللي حصل وحسوا بانتصار”.
عملت نشوى كمساعدة للطبيبة أثناء عملية الولادة: “كنت واقفة جنبها وبساعدها، وبنطمن فاطمة إنها هتكون بخير”، فيما بدأ الركاب إطلاق أسماء على الطفلة: “الأم بتقول إنها هتسميها مريم أو ماريا”، بحسب “نشوى”، التي ذكرت أنه مع انتهاء الولادة، تواصل الركاب مع أهل “فاطمة”: “عرفناهم باللي حصل، وكان قدامنا وقت قليل واستنونا بمحطة مغاغة، وعرفنا سواق القطر يستنى لغاية ما ننزلها إلى أهلها”.