بقلم / شريف بدوى
تعتبر مصر بعد ثورة يوليو 1952 دولة يحكمها أبنائها وذلك بعد أن عبرت منذ الفراعنة الكثير من العصور التي كانت فيها تحت سيطرة حكام غير مصريين ، نجد أن البعض من الناس يتحدثون عن الاقتصاد المصري قبل ثورة يوليو بأنه كان قويا وان الإنسان المصري كان يعيش عيشة كريمة مقارنة بما يحدث ألان من نتائج الإصلاح الاقتصادي القوى والذي أدى إلى عناء الأسرة المصرية وتقهقر الطبقة الوسطى في ظل الحماية الاجتماعية التي وضعتها الحكومة المصرية للحفاظ على الأقل دخلا في المجتمع ، لهذا اشرح في هذا المقال كيفية التغيير ومدى التغير بين النظام الملكي والجمهوري بعد وقبل ثورة يوليو 1952 لقد كان الاقتصاد المصري قبل ثورة 23 يـوليو 1952 متخلفـًــا وتابعًا للاحتـكارات الرأسمالية الأجنبية، يسيطر عليه بضع عشرات، أو مئات على أقصى تقدير، وكانت نسبة البطالة بين الـمصريين تصل إلى 46% من تعداد الشعب، في الوقت الذي كان يعمل فيه الغالبية في وظائف ــ سُعاة وفراشين ، وكانت البروليتاريا المصرية بشقيها: الريفي والحضري من أبشع الطبقات الاجتماعية معاناة من الأزمة الاقتصادية التي تفجرت في العالم الرأسمالي في نهاية العشرينيات وامتدت آثارها إلى مصر إن غياب العدالة الاجتماعية،وارتفاع نسبة الفقر والأمية بين أبناء الشعب المصري، وزيادة معدلات المرض قد حققت أرقامـًـا قياسية حتى أن 45% من المصريين كانوا مصابين بالبلهارسيا، وغيرها من مختلف الأمراض التي تنتج عن سوء التغذية، هذا في الوقت الذي كان فيه بذخ وسفه الملك فاروق وأسرته والسيدة والـــدته وحاشيته مثـار حديث صحـف ومجلات العالم، قبل ثورة يوليو ، ويتناسى أو يتجاهل هؤلاء أن القاهرة التي يتحدثون عنها، بل مصر بأكملها كانت حكرًا على الباشاوات والبكوات والجاليات الأجنبية، وهؤلاء هم من كانوا يدخلون الأوبرا والسينمات ويستمتعون بالحدائـق و الغَـنَّاء ، وإذا ظهر أحد المصريين البسطاء في محيط القصور والسرايات ، فهؤلاء من الخدم والحاشية ممن أنعم الله عليهم بنعمة العمل خادمين عند أحد الباشاوات!.. بل كانت هناك شوارع فى القاهرة والإسكندرية والإسماعيلية حكرًا على الأجانب يُمنع المصريون من دخولها، حتى لا يعكروا مزاج السادة الباشاوات والخواجات أثارت جريدة الوفد في الثمانينيات هذه القضية أن مصر كانت دائنة لبريطانيا قبل الثورة والوثائق التاريخية تثبت أن المبلغ المتبقي من الدين وهو 80 مليون جنيه إسترليني رفضت بريطانيا إعطاؤه لمصر طوال فترة حكم الرئيس جمال عبد الناصر نكاية في عبد الناصر وسياساته ضدها، ولم تفرج عنه إلا في منتصف السبعينيات في عهد السادات الذي أعترف بذلك في مذكراته ، وكان النهب الذي لحق بالأرض الزراعية في مصر طوال القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين، نهب احتكرته أسرة محمد على في البداية ثم أباحت نصيبا منه للمرابين الأجانب، ولطبقة من المصريين محدودة جدا عملت على خلقها لكي تكون ظهيرا لها أمام الغالبية، ثم احتل الإنجليز مصر عام 1882 فعملوا على خلق طبقة تدين لهم بالولاء وتتبنى نمطهم الحضاري ووزعوا على أفرادها آلاف الأفدنة، في ظل ظروف مريبة وشديدة القسوة على الفلاح المصري المقهور الذي تم تركه فريسة للجهل والفقر والمرض وعندما قرر الملك فاروق أن يدخل حرب فلسطين، فشل الجيش المصري في المعركة بسبب خيانة الجيوش العربية الأخرى ونقص الاستعداد، وغياب الكفاءة عن القيادات، وسوء التخطيط، وترتب على الهزيمة ضياع 78 % من مساحة فلسطين التاريخية وإقامة الدولة اللقيطة التي تسمى إسرائيل ، وأصبحت القضية الفلسطينية منذ قيام التغيير الحقيقي في مصر وأصبح المصريين يحكمون بلادهم أولى القضايا في سجل الحكم المصري أثناء حكم عبد الناصر وحتى ألان في حكم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسى ، هكذا هي مصر وشعبها الأصيل لا تنسى عروبتها والشعوب العربية تظل هي الحليفة القوية لها مهما كانت التحديات وقد استطاعت مصر في عهد عبد الناصر أن تحقق الاكتفاء الذاتي من كل محاصيلها الزراعية ماعدا القمح الذي حققت منه 80% من احتياجاتها ، فنحن ألان نتحدث ونفخر بما حققناه من زراعة القمح والسعي وراء تحقيق الاكتفاء الذاتي منه مع العلم أننا لم نصل حتى ألان إلى هذه النسبة ، وفى عام 1969 وصل إنتاج مصر من القطن إلى 10 ملايين و800 ألف قنطار، وهو أعلى رقم لإنتاج محصول القطن في تاريخ الزراعة المصرية على الإطلاق ولكنه تقهقر عبر العقود الماضية ولكن النظام الحالي يسعى إلى إعادة زراعة القطن المصري من جديد وتحقيق نسبة لا باس بها من الإنتاج لإعادة تصديره من جديد نحن نعيش في عالم يعج بالتغييرات والتحولات الجذرية ذات الوتيرة العالية والسريعة جداً، وذلك بفضل التطور المستمر المتزامن مع الابتكارات التكنولوجية والتقنية الحديثة التي توصلت لها العقول المُفكرة حول العالم، مما يجعل الثبات أمراً مستحيلاً في كافة الميادين الحياتية، ولأنّ البشر ومنظمات الأعمال هم جزءٌ لا يتجزأ من المحيط الذي يعيشون فيه، فإنهم حتماً الأكثر تأثراً بهذه التغيرات السريعة. لا شك أن الحروب التي مرت بها مصر منذ 1956 وحرب 1967 حتى تحقيق النصر في حرب أكتوبر 1973 التي كان لها دور هام في إعادة الروح المعنوية للمقاتل المصري ووضع مصر بين كبار الدول حول العالم وذلك تحت حكم مصري خالص وهو حكم الرئيس الشهيد محمد أنور السادات بطل الحرب والسلام ، وبعد نشوب ثورة 25 يناير التي أظهرت معدن المصريين ورفضهم للعبودية وعودتها من جديد منذ العصر الملكي ، فقد خرجوا ضد الفساد والقهر الذي تسبب فيه الرئيس المتنحى محمد حسنى مبارك الذي اختاره الرئيس السادات نائبا له وقد تم تقديمه لاحقا للمحاكمة العلنية بعد ثورة 25 يناير وقد مثل – كأول رئيس عربي سابق يتم محاكمته بهذه الطريقة- أمام محكمة مدنية في 3 أغسطس 2011 بعد نجاح الإخوان المسلمين في حكم مصر باستغلال ثورة يناير وتحويل مسارها لتحقيق أغراضهم الدنيئة ولإرادة الله لن يستمر هذا الحكم سوى عام واحد حتى قامت ثورة يونيو عام 2013 في محافظات مصر ، التي أنهت حكم الإخوان إلى الأبد وذلك حين أعلن وزير الدفاع المصري الفريق أول عبد الفتاح السيسى في ذلك الوقت إنهاء حكم محمد مرسي، وتسليم السلطة لرئيس المحكمة الدستورية العليا، المستشار عدلي منصور بعد تولى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسى رئاسة مصر في 2014 وحتى ألان بعد مرور أربع سنوات حتى انتخبه الشعب المصري من جديد عام 2018 لفترة رئاسية ثانية تنتهي في 2022 ، فقد وصلت مصر إلى موقع متميز بين دول العالم الكبرى من خلال التنمية الاقتصادية التي حققت الكثير من الانجازات على ارض الواقع ، ومهما كانت الأصوات التي تعارض سياسة هذا الرئيس فهناك الملايين من الشعب المصري تؤيد هذه السياسة في ظل الحالة السيئة التي تعيشها الأسر محدودة الدخل فهي مازالت تسعى إلى دفع النظام الحالي إلى الاستمرار في الإصلاح الاقتصادي لأمل الحصول على حياة كريمة لهم ولأولادهم في المستقبل ، قد لا ينتهي الحديث عن التغيير والتغير في مصر فهناك قضايا عديدة من الممكن أن نتحدث عنها في مقالات قادمة مثل التعليم والصحة لأنهم من أعمدة البناء والتنمية في اى مجتمع متحضر ، ولكن اكتفى بهذا في مقالي ونستكمل الحديث عن التغيير في مقالات قادمة بإذن الله