بقلم : الصحفية د. فاتن الشعبانى
رحل عن عالمنا الكاتب الصحفى الكبير الاستاذ ابراهيم سعده فارس الصحافة المصرية رئيس مجلس ادارة ورئيس تحرير اخبار الْيوم الاسبق بعد معاناه مع المرض .
واستاذى الكبير ابراهيم سعده البورسعيدى الاصل وقد شرفت بالعمل معه والكتابة بجريدة اخبار اليوم عام 1990 بعد اتصال هاتفى منه على الهاتف الارضى _ انذاك _ والذى طلب مقابلتى بعد ان سمع عنى كمحررة من بورسعيد فى بداياتى الصحفيه وبالفعل سافرت الى القاهره لمقابلته وقد كان رحمه الله علية قيمه وقامة بمعنى الكلمة ومشجعا لى الى ابعد الحدود وتحدث معى بتواضعه الجم وابهرنى بحديثه الراقى وقد كنت فى غاية الرهبة من استاذ كبير وقت ان كنت فيه محرره صغيره ولكنه بحنكته وروعته حاول بكل مالدية ان يمتص خوفى ورهبتى بخفة ظله وطلب منى التحدث عن احوال وقضايا بورسعيد المختلفة وبالفعل بدأت الحديث معه بكل اطمئنان وراحة نفسية وفوجئت بأستاذى الكبير ابراهيم سعده ابن بلدى بورسعيد يقول لى ( انتى موهوبه وهيبقى لكى شأن كبير فى مجال الصحافة فى يوم من الايام ) .
وطلب منى استاذى الكبير ابراهيم سعده كتابة تحقيق صحفى يتضمن قضيه هامه من داخل المنطقة الحره ببورسعيد ، وبالفعل بعد البحث والتحرى كتبت تحقيق صحفي تحت عنوان ( متاعب المنطقة الحرة .. هل اوقفها قانون الاستثمار الجديد ) وذهبت الى جريدة اخبار اليوم فى الموعد المحدد لمقابلته وقرأ بنفسة التحقيق والذى اثنى علية – وقالى لى لن اضع اسمك على التحقيق لانه اول موضوع ليكى – وعلى الفور امر بنشره بجريدة اخبار اليوم صفحة 4 يناير 1990 وفوجئت بنشر اسمى ( تحقيق : فاتن الشعبانى ) واتصلت بأستاذى الكبير على رقمه الخاص المباشر الذى اعطانى اياه فقال لى ( موضوع رائع زى ده مينفعش محطش اسمك عليه .. تسلم ايدك ) ، وتوالت كتاباتى وارسالى للاخبار وكان يشرف بنفسة عن كل ماارسله ويتم نشره بإسمى بجريدة اخبار اليوم .. ولكن .. شاءت الاقدار ألا استكمل طريق الصحافة بجريدة اخبار اليوم بسبب ليس لى أى ذنب فيه .
وكان اتصال هاتفى اسعدنى كثيرا منذ سنوات قليله مره اخرى من استاذى الكبير يسأل ويطمأن عليا من خارج مصر كما قال لى انه مريض ويحدثنى من سويسرا وفرحت كثيرا بالاطمئنان على استاذى الكبير .
واستاذى الراحل الكاتب الكبير إبراهيم سعدة، انجذب لبلاط صاحبة الجلاله منذ أن كان طالبًا بمدرسته الثانوية بمحافظة بورسعيد. أسس “سعدة” مجلة مدرسته، وعمل قبل حصوله على شهادة الثانوية العامة بعدد من الصحف والمجلات منها “الفن”، “سندباد”، و”الجريمة”، قبل أن يصبح أصغر رئيس تحرير لصحيفة قومية هي “أخبار اليوم”.
ولد إبراهيم سعدة في 3 نوفمبر عام 1937 بمدينة بورسعيد، وتلقى تعليمه بمدارسها، حتى حصل على شهادة الثانوية العامة وطار إلى سويسرا؛ لدراسة الاقتصاد السياسي، ليمكث فيها قرابة الـ12 عامًا.
في مستقره بالعاصمة السويسرية جينيف، اشتاق “سعدة” لمتاعب صاحبة الجلالة، ففي زيارة سريعة لمصر التقى صديقه “مصطفى شردي” الذي كان مديرًا لمكتب دار أخبار اليوم ببورسعيد، وكان على علاقة طيبة بالأخوين مصطفى وعلي أمين. رشحه “شردي” للعمل مراسلًا لأخبار اليوم بجينيف، ليوافق مصطفى أمين على الاقتراح، ويطلب أن يرسل قطعًا صحفية عن الشباب لنشرها بعدد من مطبوعات دار أخبار اليوم، منها مجلة “آخر ساعة”، وصحيفة “أخبار اليوم” الأسبوعية، وصحيفة “الأخبار” اليومية.
ظل “سعدة” يكتب القطع الصحفية لدار أخبار اليوم التي تتحدث عن الشباب، حتى شكل عام 1962 نقلة نوعية إذ كان يبلغ حينها 25 سنة، عندما تمكن من إنجاز سبق صحفي بتغطية قضية لجوء “جماعة النحلاوي” سياسيًا إلى سويسرا، بعد انتهاء الوحدة المصرية السورية، حيث نجح حينها في لقاء أعضاء “النحلاوي” وحصل منهم على تفاصيل الانفصال.
بعد السبق “المُثير” الذي أنجزه بيوم واحد، عُيّن “سعدة” صحفيًا في جريدة “أخبار اليوم” الأسبوعية في أبريل من عام 1962، ليتدرج في المناصب الصحفية ويصبح رئيسًا لقسم التحقيقات الخارجية، ونائب رئيس التحرير، ثم يصدر الرئيس الراحل محمد أنور السادات قرارًا جمهوريًا بتوليه رئاسة تحرير “أخبار اليوم” ليصبح أصغر من يتولى رئاسة تحريرها، ثم رئيسًا لتحرير صحيفة “مايو” التي كانت تَصدُر عن الحزب الوطني -الحزب الحاكم آنذاك-، ثم عُيّن رئيسًا لمجلس إدارة “أخبار اليوم” فيما بعد.
عُرف إبراهيم سعدة بمقاله الأسبوعي “آخر عمود” بصحيفة “أخبار اليوم” والذي كان مُلتزمًا بالكتابه فيه طيلة سنوات، قبل أن يُعلن من خلاله اعتزاله العمل الصحفي واكتفاءه بكتابة مقاله الأسبوعي قبيل ثورة 25 يناير 2011.
مطلع عام 2013 اتُهم الكاتب الصحفي بمنح عدد من الشخصيات العامة ورموز نظام مبارك هدايا باهظة الثمن من أموال مؤسسة “أخبار اليوم” بصورة سنوية منتظمة، بالمخالفة للقانون، وأمرت نيابة الأموال العامة بضبطه وإحضاره ووضع اسمه على قوائم ترقب الوصول نظرًا لسفره واستقراره لفترة مؤقتة بسويسرا، قبل أن ترفع السلطات المصرية اسمه من على قوائم الترقب شهر سبتمبر الماضي.
وصفه مكرم محمد أحمد، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بـ”صائد ماهر للمعاني والكلمات عندما تشتد الأزمات.. وقلم حاد في مواجهة المواقف والأزمات قاد مؤسسة أخبار اليوم في فترة وجوده إلى نجاحات كبيرة”.
قَدُم “سعدة” إلى وطنه بعد غياب دام اكثر من 5 سنوات، لتُعلن أسرته مساء امس الأربعاء وفاته عن عمر ناهز 81 عامًا بعد صراع مع المرض .
رحمة الله على فقيد الصحافة المصرية استاذنا الكبير ابراهيم سعده أسأل الله العلي القدير أن يتغمده بواسع رحمته ورضوانه وأن يسكنه فسيح جنانه .. إنا لله وإنا إليه راجعون.
خالص العزاء لعائلة سعده ببورسعيد للفقيد الرحمه والمغفره وللاسره الصبر والسلوان .