بقلم / شريف بدوى
قد يختلف هذا المقال عن غيرة من المقالات التى كتبتها من قبل لانه يتحدث عن بورسعيد بلدى التى هى قطعة من ارض مصر المحروسة ام الدنيا ، ولا شك ان كل مواطن مصرى يحلم ان تكون بلده من اجمل بلاد العالم مهما كانت الظروف التى يعيش فيها تحدث المؤرخون عن بورسعيد فقالوا ان موقعها الحالي كان قديماً عبارة عن قرية للصيادين، وعلى بعد 28 كم وجدت مدينة ساحلية اندثرت معالمها أطلق عليها اسم “برامون” أي مدينة الإله آمون، ثم أقام اليونانيون ضاحية للمدينة أسموها “بيلوز”، وانسحب الاسم على المدينة كلها فسميت منطقة “بيلوز” (تقع بين الفرما وتنيس) ومعناها الطينة كثرة الأوحال. وكانت مواجهة لمدينة برمون أو برما ومنها أسماها العرب الفرماء حيث كانت المدينة التى ولدت بها السيدة هاجر أم النبى إسماعيل عليه السلام، كما ذكروا عنها أن أبوابها القديمة المشهورة كانت الأبواب التى قال عنها النبى يعقوب، على نبينا محمد وعليه الصلاة والسلام لبنيه فى سورة يوسف:” يا بنى لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة”، طبقا لما جاء بكتاب موسوعة 1000 مدينة إسلامية لعبد الحكيم العفيفى عقب الفتح الإسلامي لمصر أطلق العرب على المدينة اسم الفرماء أو الفرما وكانت تطل على ساحل البحر المتوسط، وموقعها الطرف الشرقي لبحيرة المنزلة بين البحيرة والكثبان، وتقع على بعد 28 كم من المدينة الحالية. ظلت المدينة تمثل ثغراً وحصناً وميناءً نشطاً حتى هدمت في عام1118 على يد الملك بالدوين الأول ملك بيت المقدس أثناء الغزوات الصليبية. وما زالت آثار المدينة موجودة حتى الآن بمنطقة تعرف بتل الفرما. ووجدت أيضاً مدينة تنيس التي كانت ثغراً بحرياً مهماً ومقراً للأسطول وبها دار صناعة السفن، واشتهر أهلها بالغنى والثروة وازدهرت بها التجارة وصناعة الملابس والمفروشات، وفيها كانت تصنع كسوة الكعبة المشرفة قروناً طويلة، لمهارة أهلها في حرفة النسيج والحياكة. كما امتهن أهلها صيد الأسماك والطيور، ولكونها هدفاً لغارات البيزنطيين ومن بعدهم الصليبيين، أمر الملك الكامل محمد بن العادل الأيوبي بتحطيم أسوارها وقلاعها في أوائل القرن السابع الهجري فهجرها أهلها وتهدمت دورها ومصانعها ودور طرازها وأصبحت تلالاً وأطلالاً وفى العصر الحديث نشات مدينة بورسعيد بعد ان دشن دى لسيس فى 25 أبريل 1859 العمل في حفر قناة السويس في عهد الخديوي سعيد، وفي نفس الوقت بدأ العمل في إنشاء مدينة بورسعيد الحديثة التي كانت في ذلك الوقت عبارة عن قرية الجميل التي تبعد 9 كم عن موقع بورسعيد الحالي، لكي تشرف على المدخل الشمالي للقناة ، حيث شهدت بورسعيد على حفر قناة السويس بايدى المصريين بالدم والعرق لمدة عشر سنوات متصلة ، ومنذ ذلك التاريخ وقد عاش اهالى الباسلة يحلمون ببناء وطن قادر على العطاء يكون بايدى المصريين الشرفاء ، وقد تحقق ذلك بعد قيام ثورة يوليو 1952 التى منحت الشعب المصرى الحرية والاستقلال من خلال القضاء على الملكية والدكتاتورية من البشوات والبكوات فى ذلك العصر ، واستمر الجهاد من ابناء بورسعيد البواسل فى حرب 1956 بعد ان قام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بتاميم قناة السويس وتحقق النصر فى 23 ديسمبر من نفس العام ، وكانت بورسعيد زراع الامة المصرية بل العربية الذى قهر ثلاث دول هما بريطانيا وفرنسا واسرائيل وقد احتفل اهالى بورسعيد على انغام السمسمية كل عام بهذه المناسبة العطرة كما لا ننسى بعد نكسة يونيو 1967 شهدت بورسعيد فى 1 يوليو معركة راس العش للدفاع عن مدينة بورفؤاد و عملية إغراق المدمره البحرية الإسرائيلية “إيلات” بعد قيام القوات البحرية المصرية باغراقها فى البحر الأبيض المتوسط في 21 أكتوبر 1967 ، كما لا ننسى معركة الدفاع الجوى فى بورسعيد من 11 الى 16 اكتوبر 1973 والتى حققت نصرا باهرا على السلاح الجو الاسرائيلى فى حرب اكتوبر المجيدة وبعد انشاء المنطقة الحرة بقرار من الرئيس محمد انور السادات فى 1 يناير 1976 الذى يعتبر مكافاة لابنائها فى ذلك الوقت على ما قدموه من شهداء وبطولات حققت لمصر انتصارات ومكانة عظيمة خلال عقود والذى تم تجاهله من خلال تراجع المنطقة الحرة وحركة التجارة فى عصر الرئيس محمد حسنى مباراك وخاصة بعد الحادث الذى قام به المواطن الشهير باسم ابو العربى فى السادس من سبتمبر 1999 والذى اعتبره الجميع محاولة اغتيال الرئيس مبارك الذى كان سببا فى قيام ثورة يناير 2011 ليشارك ابناء بورسعيد البواسل فى المظاهرات والخروج الى الشوارع والميادين مطالبين برحيله و الذى ادى حكمة الى انهيار الحالة الاقتصادية للبلاد وانتشار الفساد وسوء المعيشة للاسرة المصرية بشكل عام ، كما كانت بورسعيد سببا فى رفع راية الحرية والعدالة الاجتماعية اثناء ثورة 30 يونيه 2013 التى عزلت الرئيس محمد مرسى الذى جاء به الاخوان المسلمين لحكم مصر ، وبعد ان قامت الحكومة المصرية باصلاح اقتصادى شامل على ارض المحروسة بعد تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى حكم مصر حتى الان وبورسعيد تشارك المدن المصرية فى تحمل نتائج هذا الاصلاح الذى ادى الى ارتفاع اسعار السلع وسط ضعف دخول الاسر المصرية مع العلم ان ابناء الباسلة قد تعودا على التجارة بشكل كبير وتغيير مسارهم فى اتجاه اخر يعتبر صعب ويحتاج الى وقت وجهد ومساعدة من الدولة لتمكين اهالى بورسعيد من مهن ومشروعات تعودهم عن التجارة رغم المظاهر السيئة التى يشاهدها الجميع امام المنافذ الجمركية بسبب المهربيين اللذين لا ينتموا لبورسعيد ولا شعبها البواسل باى صلة ، ولا شك ان قرار الاصلاح الاقتصادى فى مصر جاء بعد دراسة واعدة وبناءة لتحقيق التنمية فى الفترة القادمة ويعتبر دليلا على حب المصريين ومشاركتهم لرئيسهم رغم الصعوبات والتحديات الاقتصادية التى تواجه الاسرة المصرية ، وفى نهاية هذا المقال ادعوا الله العلى القدير ان يقف بجانب الشعب المصرى العظيم فى تحمل هذه الفترة الصعبة وتخطى كل الازمات لكى نعبر الى مستقبل افضل ومعيشة كريمة باذن الله