«الحياة في طفولتي لم تكن سهلة، وهو ما شكّل لي حافزاً للمثابرة ونهل العلم، فكنت من أوائل الطلبة في مدارس غزة، وكنت أرفض الترتيب الثاني أو الأول مكرراً في الشهادة المدرسية، بشهادة معلّمي محمد عوض الله، بعد سنوات طويلة، حين التقيته فقال: فتحي كان يرفض المركز الثاني، حتى أنه في إحدى السنوات تقدم بشكوى لإدارة المدرسة لمراجعة نتيجة شهادة العام الدراسي، رافضاً ترتيب الأول مكرراً، وبعد المراجعة، تحققت الإدارة من علاماته واستبدل ترتيبه بالمركز الأول ككل عام».
بهذه الكلمات، بدأ المهندس الفلسطيني فتحي جبر عفانة، الرئيس التنفيذي، ومؤسس شركة «فاست» لمقاولات البناء، الحديث عن شغفه بالمركز الأول، الذي قاده منذ نعومة أظفاره إلى سلّم النجاح في الإمارات، وتحديداً حين وصل إليها في 23 يوليو/تموز 1982.
هذا تاريخ سيبقى، بحسب قوله، محفوراً في ذاكرته مادام حياً، فهو يوم وصوله إلى أرض الدولة، استقبله شقيقه الأكبر في المطار، لكنه شعر بالقلق والصدمة من شدة حرارة الجو ونسبة الرطوبة غير المعتاد عليهما، إلا أنه كان عاقداً العزم على النجاح.
قال عفانة: الإنسان الذي ليس لديه طموح وثقة بنفسه، لا يستطيع تحقيق النجاح، كما أن حب المغامرة يصنع الكثير من فرص التفوق، لكن الأهم يكمن في المعاناة التي تجعل الفرد قادراً على النهوض كلما تعثّر، من أجل تحقيق حلمه وتطويره في المستقبل.
وتابع: في المرحلة الأولى من وجودي بالإمارات، عانيت الأمرين، فكنت أبحث عن أي فرصة للعمل، ما دفعني لفضفضة ما أكتمه من خواطر على الورق، وأكتب الشِّعر، الذي أرسله إلى «منبر القراء» في جريدة «الخليج»، فتنشره، وكنت أشعر بالفرحة، حتى لو كانت قليلة.
وأشار عفانة إلى أن أول إقامة عمل حصل عليها كانت «عامل في مخبز»، وكان أول راتب يتقاضاه 1600 درهم، فشعر بسعادة غامرة، وأرسل منه لذويه في فلسطين، كما اشترى هدية لشقيقه وزوجته، بل إنه ادخر جزءاً.
وتابع: طوال إقامتي في الدولة، لم أشتر سوى 6 سيارات، ودائماً أبنائي يتساءلون عن سبب عدم شرائي سيارة كل عام، فأجيبهم أن ترتيب الأولويات يمثل نجاح الإنسان بالمستقبل.
تكوين الذات
أكد فتحي عفانة أن تكوين ذاته ما كان له أن يتحقق في درجة النجاح التي بلغها، لولا وجوده بالإمارات التي تمثل وطناً يسكنه، خاصة الشارقة التي احتضنته طوال 40 عاماً، وقدمت له ولأسرته الاستقرار والأمان والطمأنينة، فكان حريّاً به ردّ الجميل لهذه الإمارة الباسمة، حيث إنه لا يزال يقطن وأسرته في المنطقة نفسها، منذ نحو 30 عاماً، لأنها تشعره بالألفة والتسامح.
وقال: وجدت نفسي في الشارقة من كل النواحي، أبنائي أيضاً أنهوا تعليمهم بهذه المدينة الجميلة، وكرّموا لتفوقهم الدراسي أكثر من مرة، وصاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة كان ولا يزال الأب الحنون والداعم لعملي من دون حدود.
وما كان لي تحقيق النجاح في حياتي، إلا في دولة مثل الإمارات، حيث استفدت من رؤاها وطموحها، وشغف قيادتها الرشيدة بالمراكز الأولى.
التعليم والرياضة
عن منحه قطاع التعليم دعماً غير محدود، أوضح فتحي عفانة أنه عاش طفولته في مخيم رفح بقطاع غزة، ومن واقع معاناة أبناء جيله، كان يرى طلبة متفوقين لا يستطيعون إكمال تعليمهم الجامعي، لعدم قدرة أسرهم على دفع الكلف، ومن هذا المبدأ عزم على دعم التعليم، بتقديم منح سنوية ثابتة في عدة جامعات منها الجامعة الأمريكية في الشارقة وجامعات الشارقة وعجمان وفلسطين في غزة، حتى يحظى كل متفوق غير مقتدر بفرصة للتعلم، من أجل ما سيقدمه لمجتمعه في المستقبل من إنجازات، كذلك يدرس جميع أبناء أقاربه في الجامعات على نفقته، حرصاً منه على تلقي كل فرد بالأسرة فرصة للتعلم وتطوير ذاته.
وأكد أن السعادة تغمره حينما ينهي أحد الطلبة دراسته، ويتواصل معه لإخباره بمعدله ويشكره على الوقوف إلى جانبه طوال سنوات.
وعن اهتمامه بالرياضة، أكد أن شغفه بهذا المجال يعود إلى سنوات، خاصة منذ عضويته الشرفية في نادي الشارقة، حتى أصبح لدى شركته 3 فرق محترفة في كرة القدم والسلة والكريكيت، وحققت أكثر من بطولة.
وفيما يتعلق بدوره في العمل المجتمعي، قال إن الخير الذي يعايشه في الدولة، جعله يخطو بشكل كبير، نحو دعم الأعمال المجتمعية والتطوعية والإنسانية، ورعاية عدد من المؤسسات بمختلف أنشطتها، حرصاً منه على مدّ يد العون لها في أعمالها، الذي يقابله ردّ للجميل والعرفان، بمنحه الكثير من الجوائز والألقاب، مثل سفير الإنسانية 2018-2019، وسفير منظمة الأسرة العربية، إضافة إلى سفير دولي ومفوض أممي.